مجلس الأمن رفض استخدام القوة وأحال القذافي للمحكمة الدولية
.
أقر مجلس الأمن الدولي حزمة من العقوبات علي مسئولين في النظام الليبي علي رأسهم العقيد معمر القذافي تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون التهديد باستخدام القوة العسكرية، مع إحالة ممارسات النظام بحق المتظاهرين إلي المحكمة الجنائية الدولية.
وصوت مجلس الأمن بالإجماع أمس لصالح فرض عقوبات ضد ليبيا تشمل حظرا علي صادرات الأسلحة وحظرا علي السفر وتجميد أرصدة لأفراد من نظام الزعيم الليبي معمر القذافي وعدد من أفراد أسرته وأعوانه المقربين.
ومن بين الشخصيات التي وردت أسماؤها علي القائمة معمر القذافي وأبناؤه عائشة وهاني بعل، وخميس، ومحمد، وسيف العرب، وسيف الإسلام إضافة إلي رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية الدكتور عبد القادر محمد البغدادي، ووزير الدفاع اللواء جابر أبو بكر يونس، وعدد آخر من القيادات الأمنية.
وبموجب الحظر المفروض علي صادات الأسلحة، تقوم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باتخاذ التدابير الفورية اللازمة "لمنع التوريد المباشر أو غير المباشر للأسلحة والمواد ذات الصلة بجميع أنواعها، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية إلي ليبيا أو بيعها لها أو نقلها إليها"، كما يحظر علي ليبيا استيراد جميع الأسلحة والمواد المرتبطة بها ويتعين علي جميع أعضاء المنظمة الدولية منع رعاياها من تصديرها.
ويطالب القرار-الذي حمل رقم 1970-بالوقف الفوري للعنف واتخاذ خطوات لمعالجة المطالب المشروعة للشعب، كما يحث السلطات الليبية علي ممارسة أقصي درجات ضبط النفس واحترام قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليين، وضمان الممر الآمن للإمدادات الإنسانية والطبية والوكالات الإنسانية والموظفين الإنسانيين إلي ليبيا، والرفع الفوري للقيود المفروضة "علي جميع أشكال وسائل الإعلام" وضمان سلامة الرعايا الأجانب وتسهيل مغادرتهم.
كما يدعو القرار الي إحالة الوضع القائم في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 إلي مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن ما تردد عن الانتهاكات في ليبيا قد يرقي إلي مستوي جرائم الحرب، مشددة علي ضرورة التنفيذ الكامل للعقوبات الواردة في القرار من أجل منع القذافي من ارتكاب المزيد من عمليات قتل المتظاهرين المدنيين.
وطلب مجلس الأمن من المحقق الدولي أن يرفع إليه تقريرا عن ليبيا خلال شهرين، علي أن يتبعه بتقارير دورية كل ستة أشهر، لكن مندوب فرنسا في الأمم المتحدة قال إنه لن تُفرَض منطقة حظر جوي لأن ذلك يتطلب الد(تم حذف الكلمة من الأدارة) في حرب مع ليبيا.
يشار إلي أنه وفي بداية المشاورات، انقسم أعضاء مجلس الأمن بشأن إحالة ملف القمع الليبي للمتظاهرين إلي محكمة جرائم الحرب في لاهاي حيث كشف دبلوماسيون أن عددا من أعضاء مجلس الأمن- من بينهم الصين والبرازيل والهند والبرتغال- أبدوا تحفظات بشأن الفقرة التي تشير إلي المحكمة الجنائية الدولية.
غير أن مندوبي هذه الدول تخلوا في نهاية الأمر عن معارضتهم لمسودة مشروع القرار البريطاني الفرنسي بعد الرسالة التي وجهها الوفد الليبي بالأمم المتحدة إلي رئيسة مجلس الأمن وأعرب فيها عن تأييده لإحالة القضية إلي المحكمة الدولية.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تضامنه مع الشعب الليبي الذي يواجه سفك الدماء واحتمالات نقص المواد الغذائية والإمدادات الطبية، معرباً عن أمله في قرب تحقيق المستقبل الذي يطمح إليه الليبيون، في حين قالت السفيرة الأمريكية لدي الأمم المتحدة سوزان رايس إن القرار 1970 يفرض تدابير قوية وملزمة تهدف إلي منع النظام الليبي من قتل شعبه.
وكان القرار 1970 قد حظي بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، والدول العشر التي تتناوب علي عضوية المجلس وهي حاليا البوسنة والبرازيل وكولومبيا والجابون وألمانيا والهند ولبنان ونيجيريا والبرتغال وجنوب أفريقيا.
وميدانياً قال أحد سكان مدينة الزاوية الليبية إن مرتزقة موالين للعقيد معمر القذافي قتلوا 50 مدنيا علي الأقل في قصف بالمدفعية الثقيلة أثناء اشتباكات عنيفة أمس مع معارضي النظام، في حين أصيب نحو 50 آخرين وتم أخذ 30 شخصا إلي وجهة غير معلومة.
وأوضح في اتصال هاتفي مع وكالة رويترز من الزاوية التي تبعد نحو 50 كيلومترا غربي العاصمة طرابلس، "أن قوة من المرتزقة استخدمت المدفعية الثقيلة للإغارة علي ميدان الشهداء، وأطلقت النار بشكل عشوائي علي السكان".
ونقلت رويترز عن مراسل لصحيفة قورينا الليبية القول إن كتيبة الخويلدي الحميدي التابعة للقذافي أطلقت النار بشكل عشوائي في المنطقة دون أن يتم تحديد ملابسات إطلاق النار ولا هوية الضحايا.
وفي مدينة زوارة علي بعد 120 كلم غرب طرابلس ما زال الوضع متوترا، إذ إن القوات الموالية للقذافي لا تزال تسيطر عليها رغم انسحابها من الشوارع. وقال أحد سكان المدينة إن "الوضع هادئ لكن المدينة لا تزال تحت سيطرة قوات القذافي".
أما في العاصمة طرابلس فقد بدأ نظام القذافي بتسليح أنصاره وتسيير دوريات في المدينة ومحيطها، في محاولة لصد أي هجوم عليها.
وبدت شوارع طرابلس هادئة وخرج العديد من السكان من منازلهم وقالوا إن طرابلس آمنة، بعد يوم من قيام المليشيات الموالية للقذافي بإطلاق النار علي آلاف المتظاهرين لمنع انطلاق أولي المسيرات الحقيقية المناهضة للحكومة في العاصمة الليبية منذ أيام. وقد قتل سبعة متظاهرين برصاص كتائب القذافي الأمنية خلال هذه الاشتباكات.
وفي تاجوراء شرقي طرابلس أقام المتظاهرون متاريس من الحجارة والأشجار عبر الشوارع، وكُتبت شعارات مناهضة للنظام علي العديد من الجدران.
وشارك عدة آلاف من المواطنين في جنازة أحد قتلي إطلاق النار ليلة الجمعة الماضية والتي تحولت إلي مظاهرة أخري. ورددت الحشود هتافات تندد بالقذافي.
وتحولت الجنازة إلي استعراض آخر للتحدي ضد القذافي، حيث أكد بعض المشاركين إصرارهم علي الاستمرار في التظاهر حتي تحقيق التغيير.
وفي مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، فتحت المحال التجارية والبنوك، بينما ظلت المدارس مغلقة. وسيطر المتظاهرون علي تلك المدينة ضمن مدن أخري في الجزء الشرقي من ليبيا عقب اشتباكات عنيفة خلفت مئات القتلي.
في المقابل اتخذ معسكر القذافي نهجا متفائلا إزاء الموقف الذي يواجهه الرجل الذي تولي السلطة في ليبيا في انقلاب عسكري عام 1969.
وقال سيف الإسلام القذافي للصحفيين الذين جاؤوا جوا إلي ليبيا تحت مراقبة مشددة من الحكومة، إن "الهدوء بدأ يعود إلي البلاد"، لكنه أقر بمواجهة مشاكل في مصراتة والزاوية حيث صدّ المتظاهرون هجمات مضادة للجيش، غير أنه قال إن الجيش مستعد للتفاوض. وعبّر عن أمله بأن لا يقع مزيد من إراقة الدماء